دراسة مقارنة: بين عقد الوكالة وعقد التوزيع وفقا لأحكام القانون المصرى.
نعرض فى هذه الدراسة مقارنة للعناصر الجوهرية المميزة لعقد الوكالة وعقد التوزيع وفقا لأحكام القانون المصرى. وقبل الدخول فى غمار الدراسة هناك نقاط أولية يتعين علينا الوقف عليها، وهى أن التشريع المصرى يسير فى ركب التشريعات العالمية ويحزوا حزوها من حيث حرية التعاقد وحق المتعاقدين فى تضمين عقودهم الشروط التى تكفل تنظيم الحقوق والإلتزامات فيما بينهم بالشكل الذى يرتضونه بشرط الا تتعارض تلك الشروط مع النظام العام فى مصر.
حيث تنص المادة 147 من القانون المدنى المصرى رقم 131 لسنة 1948:
" العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا بإتفاق الطرفين أو للأسباب التى يقررها القانون"
فوفقا لهذا النص فإن شروط العقد هى القانون الحاكم للعلاقة التعاقدية فتلك الشروط هى المعيار الذى ينظم حقوق وإلتزامات أطراف العقد.
ولكن كذلك قد إحتفظ المشرع المصرى لنفسه بحقه فى فرض بعض القواعد الآمرة التى يتعين على المتعاقدين الإلتزام بها وعدم مخالفتها بهدف حماية النظام العام داخل المجتمع المصرى.
لذلك فإن المشرع المصرى عندما قام بوضع قوانين تنظم المعاملات التى تتم داخل المجتمع، ووضع نوعان من القواعد فى تلك القوانين، أولها وهى قواعد تكميلية يجوز للمتعاقدين الاتفاق على ما يخالفها، وثانيها قواعد آمرة لا يجوز للمتعاقدين الاتفاق على ما يخالفها. ولو ضمنوا عقودهم شروط تخالف تلك القواعد فى هذه الحالة تبطل الشروط المخالفة لهذه القواعد الأمرة.
وتلخيصا لما سبق فإن المتعاقدين فى مصر لهم حرية إختيار شروط العقد وتنظيم الحقوق والإلتزامات بشرط الإلتزام بقواعد النظام العام، وهذا هو المبدأ العام الذى يحكم كل أنواع العقود بما فيها عقد الوكالة التجارية وعقد التوزيع التجارى.
إلا أن المشرع ورغبة منه فى حماية نشاط الوكلاء التجاريين فى مصر فقد عمد إلى وضع قواعد خاصة أمرة من النظام العام لا يجوز مخالفتها وهدف تلك القواعد حماية الوكيل التجارى المحلى، لذلك فتلك القواعد تميز عقد الوكالة التجارية عن باقى أنواع العقود التجارية الأخرى كعقد البيع التجارى أو عقد التوريد أو عقد توزيع البضائع.
وللوصول إلى تحديد واضح للقواعد الأمرة التى تميز عقد الوكالة التجارية عن باقى أنواع العقود التجارية، فسوف نقوم بهذه الدراسة بمقارنة القواعد القانونية الحاكمة لعقد الوكالة التجارية مع القواعد القانونية الحاكمة لعقد توزيع البضائع بإعتبار الأخير يجمع فى تكوينه القانونى بين عقد البيع وعقد التوريد، حيث لا يوجد تنظيم قانونى خاص فى مصر ينظم عقد توزيع البضائع.
لما سبق وللوصول للنتيجة المرجوة من هذه الدراسة فسوف نحدد عناصر المقارنة بين عقد الوكالة التجارية وعقد توزيع البضائع وفقا لخطة البحث التالية:
المبحث الأول: إلتزامات أطرف العقد. ص3
المبحث الثانى: الحصرية (عدم المنافسة). ص4
المبحث الثالث: الحد الأدنى لمدة العقد. ص5
المبحث الرابع: السرية. ص6
المبحث الخامس: التعويض فى حالة إنهاء العقد الغير محدد المدة. ص7
المبحث السادس: التعويض فى حالة عدم تجديد العقد محدد المدة. ص8
المبحث السابع: الإختصاص القضائى الإجبارى. ص 9
ومن أجل الإيضاح سوف نوضح المقصود من بعض التعريفات داخل البحث:
التعريفات:
الموكل: هو المالك الأصلى للعلامة التجارية و هو المُصنع للمنتج موضوع العقد.
الوكيل: هو صاحب حق تسويق و بيع المنتجات المملوكة للموكل داخل إقليم محدد، ولفترة زمنية محددة.
الموزع: هو صاحب حق بيع المنتجات المملوكة للموكل.
المبحث الأول: إلتزامات أطرف العقد.
أولاً:عقد الوكالة التجارية:
بالنظر إلى طبيعة عقد الوكالة التجارية من حيث أن الوكيل يتعاقد بأسم الموكل ولحساب الموكل أو حتى يتعاقد بأسمه ولحساب الموكل، فقد وضع المشرع المصرى عدة إلتزامات يجب أن يلتزم بها الوكيل فى علاقته تجاه الموكل، هى كالتالى:
تنص المادة 151 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 على:
"1 -علـى الوكيـل إتبـاع تعليمـات الموكـل ، فـإذا خالفهـا دون مسـوغ مقبـول جـاز للموكـل رفـض الصفقة.
2 -وإذا لم توجد تعليمات من الموكل بشأن الصفقة فعلى الوكيل تأخير إبرامها وطلب التعليمات من الموكل إلا إذا كان تأخير الصفقة يلحق الضرر بالموكل أو كان الوكيل مفوضاً فى العمل بغير تعليمات منه ."
كما تنص المادة 158 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 على:
"1 - على الوكيل أن يحيط الموكل علماً بالصفقات التى يبرمها لحسابه .
2 - وعلى الوكيل أن يقدم للموكل فى الميعاد المتفق عليه أو الذى يجرى عليه العرف أو التعامل السابق بينهما حسابا عن الأعمال التى يجريها لذمته . ويجب أن يكون هذا الحساب مطابقاً للحقيقة ، فإذا تضمن عن عمد بيانات غير صحيحة ، جاز للموكل رفض الصفقات التى تتعلق بها هذه البيانات فضلا عن حقه فى المطالبة بالتعويض . ولا يستحق الوكيل أجرا عن الصفقات المذكورة ."
كما تنص المادة 186 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 على:
" يلتزم وكيل العقود بالمحافظة على حقوق الموكل ، وله إتخاذ جميع الإجراءات التحفظية اللازمة للمحافظة على هذه الحقوق ، وعليه أن يزود موكله بالبيانات الخاصة بحالة السوق فى منطقة نشاطه ."
من النصوص السابقة يتضح جليا أن المشرع المصرى فرض على الوكيل الإلتزام التام بتعليمات الموكل، أثناء ممارسته لعمله فيجب عليه الإلتزام بأسعار البيع التى يحددها الموكل وكذلك طرق الأعلان والتسويق، وكذلك يتعين على الوكيل أن يزود الموكل بكل البيانات الخاصة بحالة السوق فى المواعيد التى يحددها له الموكل.
ملحوظة: هذه النصوص القانونية هى قواعد تكميلية غير آمرة يجوز للمتعاقدين الاتفاق على ما يخالفها.
ثانياً: عقد توزيع البضائع.
أما بخصوص عقد التوزيع وبإعتباره شكل من أشكال عقود البيع والتوريد، فلم يضع المشرع له تنظيم قانونى خاص، بإعتبار أن العلاقة بين الموكل والموزع تنحصر فى حدود صفقة محددة لبيع كمية محددة مسبقا من المنتجات يتم توريدها من الموكل للموزع ويقوم الموزع بإعادة بيعها للغير، فالموزع لا يقوم بتمثيل الموكل فى علاقته القانونية مع الغير بل ينحصر دوره فى إعادة بيع وتوزيع المنتجات مقابل الحصول على هامش ربح قد يكون محددا مسبقا، وقد لا يكون محددا، وهنا يكون العقد هو المعيار المحدد لإلتزامات الموزع تجاه الموكل.
حيث تنص المادة 103 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 على:
" يجوز الاتفاق على إلزام المشترى بعدم التخفيض عن ثمن معين عند إعادة البيع إذا كان المبيع سلعة تحميها علامة تجارية مسجلة تميزها ، ويجوز للمحكمة أن تقضى ببطلان هذا الشرط إذا كان المبيع من السلع الضرورية للاستهلاك الشعبى."
وفقا لهذا النص وبإعتبار الموزع مشترى لمنتجات الموكل يحق للموكل أن يضع شرطا فى العقد يلزم الموزع بعدم التخفيض عن ثمن معين عند إعادة البيع، ويبقى هنا العقد هو المعيار الوحيد المنظم للعلاقة القانونية بين الموكل والموزع، فلا يلتزم الموزع إلا بما يفرضه عليه الموكل فى العقد.
ملحوظة: هذه النصوص القانونية هى قواعد تكميلية غير آمرة يجوز للمتعاقدين الاتفاق على ما يخالفها.
المبحث الثانى: الحصرية ( عدم المنافسة).
أولاً: عقد الوكالة التجارية:
أن مسألة الحصرية من أهم المسائل التى يهتم بها الوكلاء التجاريون، حيث يكون لديهم رغبة عارمة فى الحصول على حق حصرى فى تمثيل الموكل داخل نطاق جغرافى معين دون أى منافسة من الغير، لذلك دائما ما يحاول الوكلاء التجاريون وضع شرط فى عقد الوكالة يفرض على الموكل عدم توكيل الغير فى منافستهم فى نفس النطاق الجغرافى، كما يحرص الموكل على أن يلتزم الوكيل بحصرية تسويق منتجاته دون أن يقوم الوكيل بتسويق أى منتجات أخر منافسة، ولذلك قام المشرع المصرى بتنظيم فكرة الحصرية فى عقود الوكالة التجارية.
حيث تنص المادة 179 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 على:
" لا يجـوز للموكـل أن يستعين بأكثر من وكـيل عقـود واحـد فى ذات المنطقة ولذات الفرع من النشاط ، كما لا يجوز لوكيل العقود أن يكون وكيلا لأكثر من منشأة تمارس ذات النشاط وفى ذات المنطقة ، وذلك كله ما لم يتفق الطرفان صراحة على غير ذلك".
وعلى هذا فقد منح المشرع المصرى المتعاقدين حرية إختيار شرط حصرية الوكالة من عدمه، ولكن فى حالة عدم وضع شرط فى العقد يلغى الحصرية، تكون الحصرية مفروضة بحكم القانون، بإعتبار ان قواعد القانون هى مكملة لاتفاق المتعاقدين فيما لم يتفقوا عليه صراحة فى العقد.
ملحوظة: هذه النص القانوني يمثل قاعدة تكميلية غير آمرة يجوز للمتعاقدين الاتفاق على ما يخالفها.
ثانياً: عقد توزيع البضائع.
كما سبق أن أوضحنا فدائما ما يهتم الموزعون والوكلاء بالحصول على الحقوق الحصرية للموكل لحرمان الغير من منافستهم بذات المنتجات، وكذلك يحرص الموكل على الحصرية حتى يمنع الوكيل أو الموزع من بيع وتسويق أى منتجات منافسة لمنتجاته، لكن وفقا للطبيعة القانونية لعقد توزيع المنتجات بإعتباره عقد بيع أو عقد توريد فلم يذكر المشرع المصرى قاعدة محددة لفكرة الحصرية إلا ما ورد فى نص المادة 188 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 والتى تنص على:
"لا يجوز الاتفاق على منع طالب التوريد من التعاقد مع غير المورد على شراء بضائع أو الحصول بمقابل على خدمات مماثلة للبضائع أو الخدمات محل عقد التوريد إلا لمدة لا تجاوز خمس سنوات من تاريخ العقد ، وذلك أيا كانت الميزات التى يقررها المورد لطالب التوريد ، وكل اتفاق على مدة أطول يخفض إلى خمس سنوات ، ولا يجوز تجديد المدة إلا بعد إنتهائها ولمرة واحدة وباتفاق صريح".
ويحدد هذا النص عدم قدرة الموكل على إلزام الموزع بعدم المنافسة إلا لمدة خمس سنوات فقط لاغير، ولا يجوز الاتفاق على آى مدة أكثر من خمس سنوات، ولو تم وضع شرط فى العقد يجاوز تلك المدة يكون هذا الشرط باطلاً.
ملحوظة: هذه النص القانوني يمثل قاعدة أمرة لا يجوز للمتعاقدين الاتفاق على ما يخالفها.
المبحث الثالث: الحد الأدنى لمدة العقد.
أولاً: عقد الوكالة التجارية:
أن حرية التعاقد تفرض منح المتعاقدين الحق فى تحديد مدة العقد المبرم فيما بينهم، أو حتى ترك هذا العقد غير محدد المدة، إلا أن المشرع المصرى ورغبة منه فى حماية الوكيل التجاري المصرى، ينص فى المادة 181 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 على:
" إذا اشـترط فـى العـقد أن يقيم وكيل العقود مبانى للعرض أو مخازن للسلع أو منشآت للصيانة أو الإصلاح فلا يجوز أن تقل مدة العقد عن خمس سنوات".
بهذا النص حاول المشرع المصرى حماية الوكيل التجارى ومنحه الفرصة فى تحقيق مكسب يعوضه عن المبالغ التى انفقها لتنفيذ أعمال الوكالة، لذلك فقد شرط ألا تقل مدة الوكالة عن خمس سنوات، ولكن يحق للمتعاقدين أن يتركوا عقد الوكالة التجارية دون تحديد لمدته، وهنا يندرج هذا العقد تحت العقود غير المحددة المدة. وهذا مقبول فى هذا النوع من العقود.
ملحوظة: هذه النص القانوني يمثل قاعدة آمرة لا يجوز للمتعاقدين الاتفاق على ما يخالفها.
ثانياً: عقد توزيع المنتجات:
أما بخصوص عقد التوزيع وبإعتباره شكل من أشكال عقود البيع والتوريد، فلم يفرد المشرع له تنظيم قانونى خاص، بإعتبار ان العلاقة بين الموكل والموزع تنحصر فى حدود صفقة محددة لبيع كمية محددة مسبقا من المنتجات، فلم يهتم المشرع بوضع حد أدنى أو أقصى لمدة عقد التوزيع ، وعلى ذلك يحق للمتعاقدين الاتفاق على مدة العقد دون أى قيد قانونى عليهم فى ذلك.
المبحث الرابع: السرية.
أولاً: عقد الوكالة التجارية:
سرية المعلومات هى من أولويات الحياة التجارية، لذلك يحرص الموكل والوكيل على الاتفاق على شروط توضع فى العقد تنظم سرية تداول المعلومات، وقد نظم المشرع المصرى هذه المسألة فى عقود الوكالة التجارية من خلال المادة رقم 187 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 والتى تنص على:
" لا يجوز لوكيل العقود أن يذيع أسرار الموكل التى تصل إلى علمه بمناسبة تنفيذ الوكالة ولو كان ذلك بعد إنتهاء العلاقة العقدية ".
أكتفى المشرع فى النص السالف بالتأكيد على إلتزام الوكيل بعدم إذاعة أسرار الموكل، ولكن لا يحدد النص مدة معينة للإلتزام بعدم إذاعة الأسرار بعد إنتهاء العقد، ويفهم من هذا انه إلتزام أبدى يقع على عاتق الوكيل، ولكن لم يضع المشرع المصرى نص يلزم الموكل بعدم إذاعة أسرار الوكيل، لذلك يجب على الوكيل أن يضع فى عقد الوكالة التجارية شرطا يكفل به الحماية لأسراره.
ملحوظة: هذه النص القانوني يمثل قاعدة آمرة لا يجوز للمتعاقدين الاتفاق على ما يخالفها.
ثانياً: عقد توزيع البضائع:
كما سبق أن أوضحنا عدم وجود تنظيم قانونى خاص لعقد توزيع البضائع وإن هذا العقد يخضع للقواعد القانونية العامة التى تنظم عقد البيع التجارى وعقد التوريد، كذلك تخضع المعلومات السرية التى يتم تداولها بخصوص هذا العقد للحماية العامة التى يكفلها القانون التجارى لكافة المعاملات التجارية.
حيث تنص المادة 66 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 على:
"1- يعتبر منافسة غير مشروعة كل فعل يخالف العادات والأصول المرعية فى المعاملات التجارية ، ويدخل فى ذلك على وجه الخصوص الإعتداء على علامات الغير أو على إسمه التجارى أو على براءات الإختراع أو على أسراره الصناعية التى يملك حق إستثمارها ، وتحريض العاملين فى متجره على إذاعة أسراره أو ترك العمل عنده وكذلك كل فعل أو إدعاء يكون من شأنه إحداث اللبس فى المتجر أو فى منتجاته أو إضعاف الثقة فى مالكه أو فى القائمين على إدارته أو فى منتجاته .
2- كل منافسة غير مشروعة تلزم فاعلها بتعويض الضرر الناجم عنها . وللمحكمة أن تقضى - فضلاً عن التعويض - بإزالة الضرر وبنشر ملخص الحكم على نفقة المحكوم عليه فى احدى الصحف اليومية ".
كما أتضح لنا من النص السالف ان إفشاء الاسرار التجارية يعتبر من قبيل أعمال المنافسة غير المشروعة والتى يجب إلزام مرتكبها بتعويض الطرف المضرور عنها، إلا أنه من الأفضل أن يلتزم الموكل والموزع فى عقد التوزيع بوضع شروط تفصيلية خاصة تنظم سرية تداول المعلومات فيما بينهم.
ملحوظة: هذه النص القانوني يمثل قاعدة آمرة لا يجوز للمتعاقدين الاتفاق على ما يخالفها.
المبحث الخامس: التعويض فى حالة إنهاء العقد الغير محدد المدة.
أولاً: عقد الوكالة التجارية:
خروجا على القواعد العامة التى تمنح المتعاقدين الحق فى إنهاء العقود الغير محددة المدة فى أى وقت حتى لا تتحول تلك العقود إلى عقود أبدية، جاء المشرع المصرى بحكم مخالف للقواعد العامة وهو خاص فقط بعد الوكالة التجارية غير المحدد المدة، حيث نص المشرع فى المادة 188 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 على:
"1 - تنعقد وكالة العقود لمصلحة الطرفين المشتركة فإذا كان العقد غير محدد المدة فلا يجوز للموكل إنهاؤه دون خطأ من الوكيل وإلا كان ملزماً بتعويضه عن الضرر الذى لحقه من جراء عزله . ويبطل كل اتفاق يخالف ذلك.
2-كما يلتزم الوكيل بتعويض الموكل عن الضرر الذى أصابه إذا نزل عن الوكالة فى وقت غير مناسب وبغير عذر مقبول".
تظهر رغبة المشرع فى حماية الوكيل التجارى فى الفقرة الأولى من المادة السالفة حيث نص على إلتزام الموكل بتعويض الوكيل فى حالة قيام الموكل بإنهاء العقد الغير محدد المدة دون وجود خطأ من طرف الوكيل. ومن هذا يظهر جليا ما يفرضه القانون المصرى على الموكل من إلتزام بعدم إنهاء عقد الوكالة طالما لم يثبت وقوع خطأ من جانب الوكيل، وإلا يجب على الموكل تعويض الوكيل.
ويتضح من الفقرة الثانية نظرة المشرع إلى الوكيل بإعتباره الطرف الأضعف فى العقد حيث لم يلزم الوكيل بالتعويض فى حالة إنهاء عقد الوكالة غير المحدد المدة، إلا لو كان الإنهاء فى وقت غير مناسب أو بغير عذر مقبول، فلم يشترط المشرع ان يثبت الوكيل خطأ الموكل حتى يعفى نفسه من التعويض كما جاء فى الفقرة الأولى، بل إكتفى بوجود عذر مقبول للإنهاء.
ملحوظة: هذه النص القانوني يمثل قاعدة آمرة لا يجوز للمتعاقدين الاتفاق على ما يخالفها.
ثانياً: عقد توزيع البضائع:
إن هذا العقد يخضع للقواعد القانونية العامة التى تنظم عقد البيع التجارى وعقد التوريد، وبالرغم من أن مضمون عقود البيع والتوزيع والتوريد مرتبط أكثر بتحديد الكميات المتفق عليها فى العقد مع تحديد مواعيد تسليم واضحة يتعين الإلتزام بها، إلا أن المشرع المصرى قد عالج فكرة عدم تحديد المدة فى عقد توزيع البضائع، حيث تنص المادة 116 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 على :
"3 -وإذا لم يتفق على أجل التوريد جاز لكل من الطرفين إنهاء العقد فى أى وقت بشرط إخطار الطرف الآخر بميعاد مناسب".
وعلى هذا فلم يضع المشرع شروط يتعين مراعتها لإنهاء عقد التوزيع الغير محدد المدة سوى ضرورة الأخطار بميعاد مناسب، ولم يفرض المشرع على الموكل إثبات خطأ الموزع لإعفاءه من التعويض، فيكتفى بعدم ثبوت ضرر من جراء إنهاء العقد.
ملحوظة: هذه النص القانوني يمثل قاعدة تكميلية غير آمرة يجوز للمتعاقدين الاتفاق على ما يخالفها.
المبحث السادس: التعويض فى حالة عدم تجديد العقد محدد المدة.
أولاً: عقد الوكالة التجارية:
تؤكد كافة النظم القانونية على حرية التعاقد، وعدم إلاجبار على التعاقد، إلا أن المشرع المصرى أهدر مبدأ عدم الإجبار على التعاقد، حيث فرض على الموكل تجديد عقد الوكالة التجارية المحدد المدة عند إنتهاء أجله، حيث تنص المادة 189 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 على:
" 1-إذا كان العقد محدد المدة، ورأى الموكل عدم تجديده عند إنتهاء أجله، يكون للوكيل الحق فى تعويض يقدره القاضى . ولو وجد اتفاق يخالف ذلك .
2 -ويشترط لإستحقاق هذا التعويض :
أ -ألا يكون قد وقع خطأ أو تقصير من الوكيل أثناء تنفيذ العقد .
ب -أن يكون نشاط الوكيل قد أدى إلى نجاح ظاهر فى ترويج السلعة أو زيادة عدد العملاء .
3 -ويراعى فى تقدير التعويض مقدار ما لحق الوكيل من ضرر وما أفاده الموكل من جهوده فى ترويج السلعة وزيادة العملاء".
هذا النص يمثل إجبارا للموكل فى تجديد عقد الوكالة عند إنتهاء أجله، ولو رفض الموكل التجديد يجب عليه تعويض الوكيل ليس فقط عن الأضرار التى تصيبه وإنما تعويضه عن فرصة المكسب الضائعة من حرمانه من الإستفادة بالعملاء وعن جهوده التى أفاد الموكل بها فى ترويج السلعة وزيادة العملاء.
والنص بهذا الشكل يفرض على الموكل تجديد عقد الوكالة وإلا إلتزم بالتعويض، والأمر الجيد الوحيد فى النص أن المشرع وضع شروط فضفاضة حتى يستحق الوكيل التعويض، وهى عدم ثبوت خطأ الوكيل، و كذلك أن يكون نشاط الوكيل قد أدى إلى نجاح ظاهر فى ترويج السلعة وزيادة عدد العملاء.
وفى حقيقة الأمر فإن المشرع المصرى تعامل فى هذا النص بإعتبار الوكيل الطرف الضعيف فى العقد وبالغ فى حمايته بأن فرض على الموكل تجديد عقد الوكالة المنتهى مدته أو الإلتزام بتعويض الوكيل، كما أن المشرع جعل هذا النص من القواعد الأمرة التى لا يجوز الاتفاق على مخالفتها، حتى وإن ذكر شرط فى العقد يخالف هذا النص القانونى يبطل هذا الشرط، ويستحق عندئذ تعويض الوكيل عن عدم تجديد عقد الوكالة المنتهى مدته.
ملحوظة: هذه النص القانوني يمثل قاعدة آمرة لا يجوز للمتعاقدين الاتفاق على ما يخالفها.
ثانياً: عقد توزيع البضائع:
إن هذا العقد يخضع للقواعد القانونية العامة التى تنظم عقد البيع التجارى وعقد التوريد، ولا يوجد فى تلك القواعد أى نص قانونى يفرض على الموكل تجديد عقد الموزع أو دفع تعويض فى حالة عدم التجديد.
المبحث السابع: الاختصاص القضائى الإجبارى.
أولاً: عقد الوكالة التجارية:
من خلال الدراسة أصبح جليا لنا أن المشرع المصرى يرى أن الموكل هو الطرف الضعيف فى عقد الوكالة لذا فقد حرص المشرع المصرى على وضع النصوص التى تكفل له الحماية، وكان من بين تلك النصوص ما جاء فى المادة 191 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 والتى تنص على:
" إستثناء من قواعد الإختصاص الواردة فى قانون المرافعات تختص بنظر جميع المنازعات الناشئة عن عقد وكالة العقود المحكمة التى يقع فى دائرتها محل تنفيذ العقد".
والهدف من هذا الإستثناء هو التيسير على وكلاء العقود فى المطالبة بحقوقهم أمام القاضى المحلى فى المحكمة التى يقع فى دائرتها محل تنفيذ العقد، وعدم تحميل الوكيل التجارى مشقة اللجوء للقضاء خارج البلاد حيث يقع فى الغالب موطن الموكل، لذلك كان هذا الاستثناء تيسير على الوكيل وتحميل المشقة على الموكل.
ملحوظة 1: هذه النص القانوني يمثل قاعدة آمرة لا يجوز للمتعاقدين الاتفاق على ما يخالفها.
ملحوظة 2: يحق للمتعاقدين فى عقد الوكالة التجارية الاتفاق على التحكيم كوسيلة لفض المنازعات التى تنشأ عن تنفيذ بنود هذا العقد، أمام جهة التحكيم التى يختارها الأطراف سواء داخل مصر أو خارجها، وهذا وفقا لأحكام قانون التحكيم المصرى رقم 27 لسنة 1994.
ثانيا: عقد توزيع البضائع:
يخضع عقد توزيع البضائع للقواعد العامة للإختصاص القضائى فى القانون المصرى والمنصوص عليها فى المادة 55 من قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم 13 لسنة 1986 والتى تنص على:
" في المواد التجارية يكون الإختصاص لمحكمة المدعى عليه أو للمحكمة التي تم الاتفاق ونفذ كله أو بعضه في دائرتها أو للمحكمة التي يجب تنفيذ الاتفاق في دائرتها".
فوفقا لهذا النص يجوز رفع الدعاوى الناشئة عن عقد توزيع البضائع أمام إحدى ثلاث محاكم، إما محكمة المدعى عليه أو المحكمة التى تم الاتفاق ونفذ كله أو بعضه فى دائرتها أو للمحكمة التى يجب تنفيذ الاتفاق فى دائرتها.
ملحوظة: هذه النص القانوني يمثل قاعدة تكميلية غير آمرة يجوز للمتعاقدين الاتفاق على ما يخالفها.
تم بحمد الله
د.أحمد سعيد